الأورطة الشرقية.. تسليح القبائل كوسيلة لإطالة أمد الحرب في السودان
الأورطة الشرقية.. تسليح القبائل كوسيلة لإطالة أمد الحرب في السودان
بعد مرور حوالي عام ونصف على الحرب في السودان، أعلنت حركة مسلحة جديدة في شرق البلاد انضمامها إلى القتال إلى جانب الجيش. يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع معارك شرسة منذ أبريل من العام الماضي، مما أسفر عن سقوط آلاف القتلى ونزوح ملايين الأشخاص.
يعتقد المراقبون أن سياسة الجيش في تسليح القبائل للقتال إلى جانبه ضد قوات الدعم السريع تعني في الواقع زرع بذور الحرب القادمة. نشبت الأزمة بين الجيش وقوات الدعم السريع نتيجة خلاف حول دمج القوات شبه العسكرية في المؤسسة العسكرية الرسمية.
أعلنت قوات تُعرف باسم “الأورطة الشرقية” التي يقودها الجنرال الأمين داؤود، عن بدء الانتشار والانفتاح نحو المنطقة الشرقية من السودان، وذلك بعد إجراء مشاورات فنية مع الجيش السوداني.
أكدت الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة، التي يرأسها الأمين داؤود، في بيان على صفحتها الرسمية في “فيسبوك”: “تقوم قواتكم الباسلة، أبطال الأورطة الشرقية بقيادة الجنرال الأمين داؤود محمود، بالانتشار والانفتاح نحو الإقليم الشرقي بعد إجراء مشاورات فنية وعسكرية مع قوات الشعب المسلحة”، كما جاء في البيان. وفقًا للبيان، فإن خطة التوسع والانفتاح تأتي “في إطار استراتيجية قوات الأورطة الشرقية لحماية الوطن والممتلكات بالتعاون مع المنظومة الأمنية في البلاد”، حسب زعمهم.
وأضاف: “نُشير إلى القبول الشعبي والارتياح الذي حظيت به قواتكم من شعبنا الصامد، وبذلك نؤكد أن أبطال (قاش 2) في انتظار توجيهات القيادة”. وفي وقت لاحق، أشار الأمين داؤود في تصريحات صحفية إلى أن “هدف الأورطة يتجاوز مجرد السعي إلى المكاسب؛ بل يتمثل في الاستجابة لنداء الواجب ودعم الجيش بكل إخلاص ونزاهة”، وفقًا لقوله.
اعتبر الكاتب والمحلل السياسي أحمد الطاهر أن “هذه الخطوة تمثل مرحلة في تطور الحرب من خلال إنشاء مليشيات ذات طابع عرقي أو محلي، حيث تزداد قوتها مع مرور الوقت وسلطتها على منطقة معينة، مما يمنحها القدرة على فرض شروطها.”
قال الطاهر وفقًا لـ “العين الإخبارية”، إن “خطورة هذه القوة تكمن في كونها تنتمي إلى فئة اجتماعية معينة في منطقة تعاني بالفعل من الاستقطاب العرقي وانتشار خطاب يدعم القبلية”. من جانبه، أشار الكاتب والمحلل السياسي أمير بابكر إلى أن “هذه الخطوة ليست مستغربة، إذ بدأت المليشيات القبلية في الشرق بتنظيم قواتها منذ بداية الحرب في العام الماضي، وذلك بتأييد من القوات المسلحة”. وأضاف بابكر أن “هذه الخطوة، بالإضافة إلى أنها تدخل في إطار الاستقطاب العسكري و اطالة الحرب في السودان، تعتبر تجريباً لمجرب أدى إلى الوضع الكارثي الذي تعيشه البلاد حالياً.” وأضاف: “إن إنشاء المليشيات ودعمها من قبل الدولة له آثار سلبية على المدى القريب والبعيد.
والسودان لديه تجارب مؤلمة مع ظاهرة المليشيات، سواء كانت معارضة للدولة أو موالية لها، وربما تمثل التجربة الحالية ذروة أزمة تشكيل المليشيات.” وأضاف: “أرى أنه كان من الأفضل للقوات المسلحة أن تفتح أبوابها لتجنيد المواطنين السودانيين وتشجيعهم على الانضمام إلى صفوفها على أسس وطنية، مما سيسهم في تعزيز بناء جيش قومي موحد. بينما دعم التكتلات القبلية المسلحة سيزيد من حالة التوتر المستمرة، وسيشكل تهديدًا قد ينفجر في أي لحظة حتى في وجه من يدعمها.” تأسست الأورطة الشرقية تحت قيادة الأمين داؤود بعد بدء الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في منتصف أبريل 2023.
وقد أعلنت الأورطة الشرقية سابقاً عن تخرج ثلاث دفعات عسكرية في الفترة الماضية. يقول المتحدث الرسمي للقوى المدنية في شرق السودان، صالح عمار، إن “قضية الحركات المسلحة في شرق السودان التي نشأت نتيجة حرب 15 أبريل 2023، والتي تأسست بعد هذه الحرب، نأمل أن يتم تصحيح وضعها من خلال تحقيق سلام شامل وإنشاء جيش مهني موحد”.
وأضاف عمار في تصريح “نعتقد أنه في الوقت الحالي، من الأفضل والضروري للحركات المسلحة الالتزام بالحياد وعدم الانضمام إلى أي طرف في النزاع، لأن الانضمام لأي طرف سيؤدي في النهاية إلى تفاقم الأوضاع وإشعال المزيد من النيران في الحرب القائمة بالفعل، مما سيعقد الأمور أكثر ويسحب البلاد إلى حروب واسعة وحروب أهلية، بالإضافة إلى تدخّلات خارجية، وهي خطوة بلا شك غير إيجابية.” تقول الأمم المتحدة إن السودان، الذي كان من بين أفقر الدول في العالم حتى قبل اندلاع الحرب، يواجه “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، ومن المحتمل أن يشهد قريبًا أسوأ أزمة جوع كذلك”.
0 Comments: