جريدة بريطانية.. التحرك الاميركي العاجل ينقذ المرحلة الانتقالية في السودان

أكتوبر 05, 2021 KBenj 0 تعليقات

مثلت المحاولة الانقلابية الفاشلة في السودان جرس إنذار للولايات المتحدة، بشأن طبيعة التفاعلات الداخلية السودانية، وإمكانية إنهاء الفترة الانتقالية على نحو قسري، من الممكن أن يسفر عن سيطرة المكون العسكري في المجلس الانتقالي على السلطة في السودان

التحرك الاميركي العاجل ينقذ المرحلة الانتقالية في السودان


في هذا السياق، مارست واشنطن تحركاً عاجلاً باتجاه الخرطوم، لدعم الفترة الانتقالية وعملية التحول الديمقراطي، والتأكيد على أن أي تغيير في المعادلة السياسية الراهنة من شأنه أن يحرم السودان من دعم الولايات المتحدة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، الذي يُعد بالتأكيد عرقلة عن عودة السودان إلى الاندماج في المجتمع الدولي، فضلاً عن حرمان السودان من دعم الكونغرس الأميركي

وتؤكد أميركا دوماً على أن أي تغيير في المعادلة السياسية الراهنة من شأنه أن يحرم الخرطوم من الدعم الدولي الحيوي

وتبلورت خطوات الدعم الأميركية للمكون المدني في السودان بثلاث خطوات، أولاها بيان صدر عن الخارجية الأميركية يدين المحاولة الانقلابية التي تم الإعلان عن إجهاضها في 21 سبتمبر  الماضي، حيث كان لافتاً في هذا البيان الحديث عن دعم خارجي من جهة، لم يسمها، للمحاولة الانقلابية مع التحذير من التضليل الإعلامي، حيث قال نيد برايس المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن “الولايات المتحدة تواصل دعم السودان، ضمن إطار سعيها لتحقيق انتقال ديمقراطي في البلاد، وتدعو إلى محاسبة جميع المتورطين من خلال عملية قانونية عادلة

وبدت العصا الأميركية واضحة في البيان حين تم الحديث عن أن الولايات المتحدة توجه مساعدات كبيرة حتى يتمكن السودان من تحقيق أهدافه… وستعمل على تعزيز هذا الدعم مع إحراز السودان تقدماً مستمراً في عملية الانتقال الديمقراطي

واشنطن والأمم المتحدة

أما الخطوة الثانية فجاءت على الأرض مزدوجة، من جانب الأمم المتحدة والولايات المتحدة، حيث زار الخرطوم في توقيت واحد كل من جيفري فيلتمان مبعوث الولايات المتحدة إلى القرن الأفريقي، وفلوكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونيتامس)

ويمكن قراءة تصريحات فيلتمان في الخرطوم على أنها إشارات قوية إلى إمكانية تخلي الولايات المتحدة عن السودان في أهم قضاياه الحرجة، وهي العودة إلى المنظومة الدولية، والاستقرار الداخلي المترتب على مسارات اتفاقات السلام، وكذلك الملف الاقتصادي، حيث دعا فيلتمان شركاء المرحلة الانتقالية إلى التعاون من أجل “سلاسة الانتقال وبقاء السودان في موقعه ضمن المنظومة الدولية التي وصل إليها بعد عمل مضن”. 

وقال نصاً إن “المحاولات الانقلابية تهدف إلى وقف التطور الذي يشهده السودان، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء من حيث تطبيع العلاقات مع أميركا ودورها في المؤسسات المالية والدولية

وفي ما يخص الأمم المتحدة، فإنها عرضت من خلال بعثتها في السودان (يونيتامس)، استعدادها لبلورة حوار بين شركاء الفترة الانتقالية بهدف وقف التصعيد السياسي والملاسنات الكلامية بين الأطراف. وربما أتت اجتماعات رئيس البعثة الأممية فلوكر بيرتس مع عضوي مجلس السيادة محمد الفكي سليمان، ومحمد حسن التعايشي، ضمن هذا الإطار، خصوصاً وأن الفكي يُعد “بطل الملاسنات” مع قادة المنظومة العسكرية السودانية من دار “لجنة إزالة التمكين”، الذين بادلوه أيضاً بالتراشق

مصالح دولية

وبطبيعة الحال، يعكس التحرك الأميركي والدولي الكثيف إزاء السودان، عدداً من المصالح والاهتمامات المرتبطة بتوجهات الإدارة الأميركية من جهة، وطبيعة مصالحها الدولية من جهة أخرى، ذلك أن السودان يمثل مسرحاً مناسباً لإثبات مدى اهتمام ومصداقية إدارة بايدن بعملية التحول الديمقراطي ودعمها حول العالم

أما في ما يتعلق بملف المصالح، فإن السودان هو منصة لن تتخلى عنها أميركا لمناوءة الصين ذات النفوذ والوجود الكبيرَين في السودان عبر حجم استثماراتها المباشرة فيه، وكذلك عبر مساعداتها الاقتصادية تاريخياً عبر أكثر من ثلاثة عقود، خصوصاً مع إطلالة السودان على البحر الأحمر بساحل يتجاوز طوله الـ 6000 كيلومتر. 

كما أن البحر الأحمر محل اهتمام الصين وروسيا وتركيزها المنطلِق من مشروع “الحزام والطريق” الذي يمثل ذلك البحر طريقه الرابع للوصول إلى أوروبا والشمال ولكن عبر ممر بحري

الموارد الطبيعية

على الصعيد الاقتصادي، تشكل الموارد الطبيعية أحد دوافع الاهتمام الأميركي في السودان خصوصاً في مجال المعادن والصمغ العربي، المستثنى من العقوبات الأميركية، للاستفادة منه أميركياً، خصوصاً في صناعة مشروب الكوكا كولا

في هذا السياق، بلور الكونغرس الأميركي قانوناً يحاول أن يحرم المكون العسكري من سيطرته على المؤسسات الاقتصادية، وذلك تحت عنوان “قانون دعم الانتقال الديمقراطي في السودان”، الذي تم إقراره في ديسمبر 2020، بدعم واضح من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ويلزم الخارجية الأميركية بتفصيل سياستها وإجراءتها في مجالات دعم حقوق الإنسان والشفافية، خصوصاً على الصعيد الاقتصادي، كما يلزم هذا القانون الرئيس الأميركي تقديم تقرير فصلي عن مدى تقدم إدارته في هذه العملية، فضلاً عن مجمل سياسات وإجراءات الدعم للفترة الانتقالية والتحول الديمقراطي

ويبقى في الأخير ضرورة إدراك أن الدعم الشعبي للقوى الثورية والمكون المدني، هو مطلب لشروط الجدارة السياسية سالفة الذكر، وإلا سنشهد صيغاً سياسية لمرحلة ما بعد الفترة الانتقالية مماثلة للصيغة الحالية أي الشراكة المدنية العسكرية، وهو أمر إذا حدث فستستمر الأزمة السودانية إلى ما شاء الله


0 Comments: