البرلمان الأوروبي يناقش دور الإخوان في الحرب السودانية
البرلمان الأوروبي يناقش دور الإخوان في الحرب السودانية
ناقش البرلمان الأوروبي في بروكسل خلال جلسة خاصة تطورات الحرب السودانية، حيث ركزت المداولات على الدور الذي يلعبه تنظيم الإخوان في تعقيد المشهد الداخلي، وسط تحذيرات من نفوذ متغلغل داخل الجيش السوداني ودعم إقليمي تقوده إيران. وأكد خبراء أوروبيون أن الصراع في السودان لا يقتصر على المواجهة العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع، بل يمتد إلى نفوذ أيديولوجي منظم داخل مؤسسات الدولة، ما يعقد جهود الاستقرار ويعزز حضور التيارات الإسلاموية في القرار العسكري.
أوضح الخبير الأمني الفرنسي كلود مونيكيه، رئيس المركز الأوروبي للاستراتيجية والأمن، أن فترة حكم عمر البشير شكلت نقطة تحول في ترسيخ نفوذ الإخوان داخل مؤسسات الدولة، خاصة الجيش والأجهزة الأمنية. وأشار إلى أن تحالف البشير مع حسن الترابي أسس لجيش مؤدلج ظل تأثيره قائماً حتى بعد سقوط النظام. وأضاف أن الجيش السوداني اليوم مخترق على نطاق واسع من عناصر مرتبطة بالإخوان وبقايا جهاز الأمن والمخابرات الوطني السابق، الذي كان بمثابة شرطة سياسية خاضعة لحزب المؤتمر الوطني.
أكد مونيكيه أن الجيش يعتمد بشكل متزايد على ميليشيات إسلاموية غير رسمية، أبرزها كتيبة البراء بن مالك، التي تُعد امتداداً لقوات الدفاع الشعبي في عهد البشير، ويُقدر عدد عناصرها بنحو 20 ألف مقاتل. وأوضح أن هذه الكتيبة تشكل رأس حربة في العمليات العسكرية لاستعادة مناطق استراتيجية. وحذر من أن القيادة العسكرية، وعلى رأسها الفريق عبد الفتاح البرهان، واقعة تحت تأثير مباشر لبقايا النظام الإسلاموي السابق، مشيراً إلى أن إيران، عبر وساطة الحوثيين، وفرت للجيش أسلحة متطورة منذ عام 2023، بينها طائرات مسيرة ورادارات عسكرية تحت غطاء المساعدات الإنسانية، وهو دعم ساعد الجيش في تحقيق مكاسب ميدانية.
من جانبها، قالت عضو مجلس الشيوخ الفرنسي نتالي غوليه إن تنظيم الإخوان يمثل القوة الدافعة الرئيسية في صراع السودان من خلال نفوذه داخل القوات المسلحة. وأوضحت أن التنظيم يحتاج إلى السودان لتعزيز حضوره الإقليمي ويمثل تهديداً للمصالح الغربية عبر تحالفاته مع إيران وروسيا، مؤكدة أنه رفض مبادرات متعددة لوقف إطلاق النار. وأضافت أن قوات الدعم السريع أيضاً متهمة بانتهاكات، لكن الإخوان كانوا تاريخياً المحرك الأساسي للصراع.
أشارت غوليه إلى أن السودان ليس في صدارة الاهتمامات الأوروبية حالياً بسبب الأزمات الداخلية، لكن كل ما يتعلق بتنظيم الإخوان يمثل مصدر قلق لفرنسا. وأضافت أن استمرار الحرب سيزيد من حالة عدم الاستقرار في المنطقة ويدفع موجات جديدة من المهاجرين نحو أوروبا عبر شبكات الهجرة غير القانونية التي يديرها التنظيم، والتي تُستخدم أيضاً لتمويل أنشطته.
اعتبر مدير مركز بروكسل الدولي للبحوث رمضان أبو جزر أن الحرب في السودان ليست مجرد صراع بين جنرالين، بل تشمل جنرالات تابعين للإخوان يسيطرون على جزء كبير من الجيش السوداني. وأوضح أن بداية الحرب كانت في تغييب الحكومة المدنية المتوافق عليها، مؤكداً أن الصراع لن ينتهي إلا بالتخلص من النفوذ الإسلاموي المدعوم من الخارج. وأضاف أن مؤشرات حديثة أكدت الدور الواضح لتنظيم الإخوان في الجيش ومسؤوليته المباشرة عن استمرار الصراع، مشيراً إلى أن قيادات فاعلة تتخذ من بورتسودان مقراً لها وتتحكم في قرارات الحكومة.
أكد أبو جزر أن الاتحاد الأوروبي يتعامل مع ملف السودان باعتباره قضية ذات أبعاد إقليمية ودولية، حيث تدخل لاعبون إقليميون ودوليون بقوة في الصراع، ويرى الاتحاد ضرورة اتخاذ مواقف واضحة إزاء هذه التطورات.


0 Comments: