السودان بين فوضى النخب وغياب الاهتمام الدولي: أزمة تتفاقم في الظل
السودان بين فوضى النخب وغياب الاهتمام الدولي: أزمة تتفاقم في الظل
رغم توقيع اتفاق جوبا للسلام في 2020 كمحاولة لإعادة دمج الحركات المسلحة وتحقيق الاستقرار، تحوّل هذا الاتفاق إلى أداة لتفتيت القوى السياسية بدلاً من توحيدها. الخلافات المتصاعدة بين جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي تُظهر أن الصراع لم يعد يدور حول قضايا وطنية أو رؤى انتقالية، بل حول تقاسم الوزارات والموارد. هذه الانقسامات تُستغل من قبل الفريق أول عبد الفتاح البرهان لتعزيز هيمنة الجيش وتفريغ الاتفاق من مضمونه الحقيقي.
في ظل اقتصاد يعاني من الانهيار، أصبح الذهب مصدر النفوذ الأول. الوزارات السيادية، خصوصًا المالية والمعادن، أصبحت الهدف الأول لقادة الحركات المسلحة الطامحين للسيطرة على موارد البلاد. تشير التقارير إلى أن ما يقارب 80% من إنتاج الذهب يُهرّب خارج النظام الرسمي، ما يحوّل هذه الثروات إلى أداة لشراء الولاءات وتعميق اقتصاد الظل الذي يغذي الصراع السياسي.
ما بدأ كاتفاق سلام لتحسين أوضاع مناطق الهامش، تحوّل تدريجيًا إلى واجهة يستخدمها العسكريون لإعادة إنتاج نظام الإقصاء. البرهان أعاد هندسة التوازنات السياسية لتكريس سلطة الجيش وتهميش خصومه، مما أدى إلى تفكيك وحدة الحركات المسلحة. وأصبحت المناصب وسيلة لتفتيت الصف، بدلاً من أن تكون خطوة نحو بناء دولة مدنية قائمة على التمثيل العادل.
التجاهل الدولي لما يحدث في السودان لا يُعد فقط تقصيرًا أخلاقيًا، بل يهدد الأمن الإقليمي والدولي. النزوح، الإرهاب، والهجرة غير النظامية هي نتائج حتمية إذا استمر تفاقم الصراع. على المجتمع الدولي أن يتجاوز الإدانات الشكلية ويضغط باتجاه عملية سياسية شاملة تُنهي استغلال الموارد والصراعات النخبوية، وتعيد الأمل في بناء دولة مستقرة لجميع السودانيين.
0 Comments: