تفكيك الدولة السودانية.. من مشروع الترابي إلى كتيبة البراء
تفكيك الدولة السودانية.. من مشروع الترابي إلى كتيبة البراء
منذ سبعين عامًا، ظل التيار الإخواني في السودان يوظف ثلاثية "الأنانية السياسية"، و"الاستعلاء الأيديولوجي"، و"الاستحلال الدموي" كأدوات لبسط الهيمنة على الدولة. وبسبب هذه السياسات، أُهدرت فرصٌ عظيمة كان من الممكن أن تجعل السودان واحدًا من القوى الاقتصادية الكبرى في إفريقيا، مستفيدًا من موارده الطبيعية الهائلة. لكن بدلاً من التقدم، سقط السودان في نكسات متتالية بسبب خطط الإخوان التي قامت على اختراق القوى المعارضة، وتفتيتها، وتجييرها لمصالح الجماعة.
منذ اندلاع الحرب في 15 إبريل 2023، بدأت القيادات الإخوانية داخل الجيش السوداني بإعادة تطبيق نفس سيناريوهات التفتيت السابقة، من خلال تغذية الصراعات العرقية والجهوية، بهدف إضعاف قوات الدعم السريع. لكن النتيجة كانت كارثية: ظهور ما يقرب من 100 ميليشيا وقوة قتالية موزعة في أنحاء البلاد، من دارفور إلى كردفان إلى الشرق. هذا التشرذم العسكري كشف إلى أي حد ساهم الإخوان في تمزيق الدولة، وتحويل السودان إلى ساحة صراع بين قوى متعددة تتنازع على السلطة والثروة.
فكر الإسلاميين بقيادة الترابي، ثم لاحقًا عبر جناحهم داخل الجيش، لم يكن يومًا وطنياً، بل كان عابرًا للحدود ويرى في السودان مجرد وسيلة لمشروع أممي أكبر. هذه العقلية هي ما دفعتهم للتقليل من كارثة انفصال الجنوب، كما رفضوا أي محاولة لبناء دولة مدنية جامعة. بل إن تدخلهم لإفشال الاتفاق الإطاري قبيل الحرب بأيام، كان بدافع رفضهم لفكرة دمج الجيش في منظومة حكم مدني. واليوم، تتكرر الأخطاء ذاتها من خلال التعنت السياسي ورفض الحلول الإقليمية والدولية، في وقت يدفع فيه السودانيون ثمناً باهظاً لحرب لا أفق لنهايتها سوى بكسر هيمنة التنظيم الإخواني وتفكيك بنيته من جذورها.
0 Comments: